تُعدّ السلطة التشريعية الركيزة الأساسية لأي نظام ديمقراطي حديث، إذ تمثل صوت الشعب وإرادته في صياغة القوانين ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، ومن خلال هذه السلطة، يجد المواطن طريقه للمشاركة الفعلية في بناء مستقبل وطنه عبر ممثليه المنتخبين، سواء كان ذلك تحت مسمى البرلمان أو مجلس الشعب أو أي هيئة تشريعية أخرى تختلف تسميتها من دولة إلى أخرى.
ما هو البرلمان؟
البرلمان هو المؤسسة التي تمثل الشعب في النظام السياسي، وهو المكان الذي تُناقش فيه القوانين، وتُطرح فيه القضايا الوطنية، ويُحاسَب فيه المسؤولون الحكوميون على أدائهم.
ويُعتبر البرلمان رمزاً للمشاركة الشعبية، إذ يضم ممثلين منتخبين يعبرون عن مختلف فئات المجتمع، ويجسدون مبدأ “السيادة للشعب”.
في بعض الدول، يتكون البرلمان من مجلسين:
- مجلس النواب أو مجلس الشعب الذي يمثل المواطنين مباشرة.
- مجلس الشيوخ أو المجلس الأعلى الذي يمثل النخب أو الأقاليم.
أما في دول أخرى، فيكون البرلمان مكوّناً من مجلس واحد فقط، وهو النموذج الأكثر شيوعاً في العالم العربي.
مجلس الشعب: التعبير الحقيقي عن الإرادة الشعبية
يُعدّ مجلس الشعب أحد أهم أشكال البرلمان في العديد من الدول العربية، مثل سوريا ومصر، ويُنتخب أعضاؤه من قبل المواطنين، ليقوموا بدورهم في سنّ القوانين ومناقشة الخطط الحكومية ومتابعة تطبيق السياسات العامة.
يُعتبر المجلس مرآة للمجتمع، إذ يضم ممثلين عن مختلف الشرائح الاجتماعية والمهنية والسياسية.
وبهذا المعنى، فإن مجلس الشعب لا يقتصر دوره على التشريع فحسب، بل يمتد ليكون حلقة وصل بين الشعب والسلطة التنفيذية، ينقل هموم المواطنين، ويسهم في رسم السياسات العامة للبلاد.
الانتخابات البرلمانية: لحظة ديمقراطية فارقة
تشكل الانتخابات البرلمانية جوهر العملية الديمقراطية، إذ تمنح المواطنين حق اختيار من يمثلهم في السلطة التشريعية، وهي لا تُعد مجرد عملية اقتراع، بل ممارسة لحق أساسي من حقوق الإنسان، يعكس وعي المجتمع وقدرته على المشاركة في صنع القرار.
وتُعد الشفافية والنزاهة في الانتخابات من أبرز مقومات الديمقراطية الحقيقية، فكلما كانت الانتخابات نزيهة، زادت الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وتعززت شرعية القوانين والسياسات التي تُتخذ باسم الشعب.
السلطة التشريعية ودورها في تحقيق التوازن
تعمل السلطة التشريعية جنباً إلى جنب مع السلطتين التنفيذية والقضائية، لتشكيل ما يُعرف بـ مبدأ فصل السلطات، وهو أحد أهم ركائز الحكم الرشيد، فمن خلال الرقابة والمساءلة، تضمن هذه السلطة عدم تجاوز الحكومة لصلاحياتها، وتحافظ على العدالة والتوازن في إدارة شؤون الدولة.
إن البرلمان ومجلس الشعب ليسا مجرد مؤسسات رسمية، بل هما تجسيد حيّ لفكرة المواطنة والمشاركة العامة، فالانتخابات البرلمانية تمنح المواطن القدرة على التأثير في مجرى الأحداث، بينما تشكل السلطة التشريعية الإطار الذي يُترجم هذه الإرادة الشعبية إلى قوانين وسياسات واقعية.
وفي النهاية، تظل الديمقراطية الحقيقية مرهونة بمدى وعي الشعوب وإيمانها بأن صوتها هو أقوى أداة للتغيير.
